نصل إلى منوش الأصل و الأساس , الذي منه تفرعت
الشخصية المنوشية و إنتشرت بين العديد من الأفراد .
لا بد من
التأكيد أولاً على فرادة منوش الأصلي و تميزه بصفات و خصال لا تجتمع إلا فيه , و
هو لا يشبه أحداً كشخص بذاته , و يغرد خارج السرب عن باقي البشر و الناس . بإختصار
هو وحيد عصره و لم تنجب له الدنيا نداً .
على المستوى
الجسماني يعد آية لا تضاهى في قدرته على لفت الأنظار و إستقطاب التركيز . فهو
يمتلك قدمين ضخمتين لا يقل قياس الواحدة منهما عن 67 على مقياس الأحذية , و قد شاهد أهل
بلاد العم سام آثار قدميه حين حل في ديارهم مرة , و ظنوا أنها تعود إلى مخلوق
عجائبي ضخم , و قد أطلقوا عليه إسم “BIG FOOT ”
أو القدم الضخمة .
و لقدميه
أهمية و رمزية بالغتين كون اليمنى منهما تحمل ختم الجودة و العلامة المسجلة , ألا
و هي تلك المادة السوداء التي تعلو ظفر الاصبع الأكبر نتيجة لضيق المكان داخل
الحذاء , و باطن القدمين يتموضع تعب الأيام و شقاء السنين , دهاليز و أخاديد
تملؤها ترسبات لا شك أنها بعد عمر طويل سوف تستحيل نفطاً يعوض الرجل كده و جده .
و تمتد
هاتين القدمين الضخمتين صعوداًَ فيما يشبه عامودين ملتويين شيدا من الدهون و الشحم
المسلح , و يزداد عرضهما و إتساعهما بفضل عادات منوش الغذائية المتطرفة .
و على قمة
هذين العامودين يتربع كرشه ملكاً متوجاً , رمز الوجاهة و الأبهة الذي كد منوش في
توسيع حدوده منحه نفوذاً يتخطى سائر أبعاد جسده , و يطغى على الأهم منها . و لا
زال هذا الكرش حتى يومنا هذا يستفيد من نزعته التوسعية ليمتد إلى ما شاء الله .
ثم يعود جسد
منوش كي يضيق مجدداً , و من ثم ينبسط عند الكتفين , ما حدا بأحد جهابذة الوصف
بنعته بعبارة فائقة البلاغة و التعبير , إذ قال فيه أنه ” عريض المنكعين , شلولخ “ .
و في القمة
يستريح رأس منوش الذي هو موضع تميزه و سر تفرده .
أول ما يلفت
النظر في هذا الرأس هي تلك الشفتان المنتفختان إلى حد التخمة بفعل طبيعي دون
الحاجة إلى السليكون أو البوتوكس , و قد تدلت السفلى منهما و إمتطت في وضع يشي
بالبلاهة و ” العبط “ .
أما أسنانه
فقد جار الزمان عليها فشتت جمعها و فرق شملها و أردى بعضها , لذا تجد منها من هو
متشح بالسواد على حزناً على فراق الأحبة , و أخرين قد علتهم صفرة لشدة ما يسكنهم
من شوق لأترابهم .
أما أنفه
فيكاد يكون عبارة عن فوهتين عظيمتين , و لا عجب في ذلك فكونه فريد بين سائر خلق
الله لا بد له من قدرة على إشتمام الأحداث قبل وقوعها , حتى يبني على الشيء مقتضاه
و يحدد خطواته القصير حتماً . و منعاً لتسلل العوامل الدخيلة زرع جانبي هاتين
الفوهتين بشعيرات مدببة يقع في شراكها كل دخيل أو مندس .
و تزين رأس
منوش عينان أطاح بإستقامتهما الحول , و تآمر عليهما فجعل كل واحدة تذهب في إتجاه
لا تحيد عنه مهما كانت الظروف .
و تكلل هذا
الرأس العجيب فسحة من صلع توحي بإنطباع خاطئ عن تفكير معمق لا بد أن يتبدى يوماً
حكمة متعالية تجري على لسان الرجل , رغم أن في دماغه غباء مقيم منذ سنين طويلة
بموجب سند إيجار قديم , و ما زال ينتظر قانون الإيجارات الجديد
حتى يخلي المكان .
و قد وصف
المهندسون و الرياضيون جسد منوش يأنه عبارة عن مثلثين نتقابلين تخترقهما دائرة في
الوسط , فيما ذهل أهل الطيور إلى إعتباره بيضة تعاني من شذوذ بنيوي .
أما المشايخ
و العرافون فجزموا أن هذا الرجل مسخ حلت عليه لعنة الله و ملائكته , و
استغفروا له و طلبوا له الشفاء و رفع الغضب عنه , علماً أن منوش نفسه لم يشتك
يوماً من مظهره , و لكن ما يدريه هو إن نطق المشايخ و العرافون بالحق .
أما يديه
فقصيرتين كدليل على أمانة الرجل , سيما أن اليد الطويلة مذمومة , و في كفيه خشونة
و صعوبة في آن . خشونة الملمس و صعوبة تحديد اللون ذلك أن منوش لا يعترف بالصابون
أو أي من مستحضرات غسل اليدين , فهو إبن الطبيعة و يكره العادات المتكلفة لأهل
الحضر .
منوش الأصلي
هذا هو سائق شاحنة يعمل على خط الترانزيت بين بيروت و الشام و هنا مربط الفرس.
2019-11-30