يعد الفراغ يخيف الشعب اللبناني بعدما انهارت أوضاعه في ظلّ رئاسات وحكومات لم تحل دون الانهيار، بل سياساتها وخصوماتها ومواجهاتها أوصلت البلد إلى ما وصل إليه من كوارث ومآسٍ، ولم يعد ملحّاً، بالنسبة إلى الناس، ملء الفراغ بأي وسيلة وطريقة، إنما المطلوب تغيير النهج والممارسة وطريقة إدارة الدولة، وبالتالي النظرة إلى الفراغ لا يفترض ان تنحصر بالنصف الفارغ من الكوب، بل التركيز على النصف الملآن الذي يشكّل فرصة لإعادة إنتاج سلطة، رئيس جمهورية ورئيس حكومة وحكومة، تضع نصب أعينها مصلحة البلد والشعب.
ولكن مصادر في المعارضة قالت لـ«الجمهورية»: «إنّ الأمل كبير في ما هو آتٍ، خصوصاً انّ معظم القوى تستشعر خطورة المرحلة وحريصة على استمرار الاستقرار، كما انّ المجتمع الدولي الذي وضع ثقله لإنجاز الترسيم حريص بدوره على هذا الاستقرار، وأظهر انّه عندما يتدخّل ويمارس ضغوطه قادر على تحقيق النتائج المرجوة، وكل المؤشرات تقول انّه ينتظر الفراغ ليرفع من منسوب تدخّله مع القوى السياسية لتقصير هذه الفترة. فلا داعي للهلع وتخويف الناس من سيناريوهات وهمية، كون الأمور تحت السيطرة وبعض النهايات تتحول إلى مطلب تمهيداً لبدايات تعيد وضع البلد على السكة الصحيحة بعدما انحرف مساره في السنوات الأخيرة، كما لا داعي للأسف على مرحلة انزلق فيها لبنان إلى القعر، ولكن الخوف من طول أمد الفراغ الذي يصعب إبّانه إخراج البلد من أزمته».
وأضافت هذه المصادر: «على الرغم من انّ الفضاء الإعلامي سيمتلئ بالحديث عن تقييم عهد الرئيس ميشال عون، إلّا انّ سقف هذه المسألة لن يتجاوز نهاية هذا الأسبوع، في بلد ينام على حدث ويصحو على تطور، وهو قادر على هضم كل الأحداث بعدما اعتاد على كثير من الأهوال والمصائب، فيما همّ الناس في مكان آخر، وهو استعادتها لحياتها الطبيعية وإعادة خفض سعر الدولار وتحسُّن ظروفها المعيشية والحياتية، ولا تكترث لمن ذهب ولا لمن سيأتي سوى بمقدار تحسُّسه بأوضاعها».
واعتبرت انّ «التاريخ كفيل بلا شك على الحكم على هذه التجربة التي شهدت انطلاقة واعدة ومُنحت فرصة نادرة، ولكن سرعان ما تبدّدت الآمال وضاعت الفرصة بسبب خصومات ومواجهات وفراغات استنزفت العهد والبلد، فيما على كل فريق ان يتعظ من تجاربه، وعلى الرئيس العتيد أيضاً ان يتعظ من تجارب أسلافه تجنّباً لسقطات تقود إلى مهالك، لأنّه ثبت بالتجربة انّ البلد لا يُحكم سوى بالتوافق والحكمة والكتاب».