قالت مجلة إيكونوميست الأميركية: “إن التهديدات النووية التي أطلقها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تكشف مدى الأخطاء التي ارتكبها في أوكرانيا، بداية من تقليله من أهميتها كدولة، وتقليله من رد الفعل الغربي، إضافة إلى عدم إدارته الجيدة لعملية الغزو”.
وقال التقرير للمجلة: “إن الحرب “لا تسير وفق الخطة” فقوات روسيا تواجه مقاومة شديدة في خاركيف، ثاني أكبر مدينة في البلاد، والجيش الأوكراني يتصدى لها في محيط العاصمة، كييف، وفي الجنوب، استولت قوات روسية على أراض ولكن في الغالب عن طريق تجنب دخول المدن”.
وكانت الحكومة الأوكرانية أوضحت في بيان، أمس الأحد، “أنه قد حدث قصف جماعي لمدينة كييف بأسلحة مختلفة مضادة للطائرات والصواريخ ولكن تم إحباط هدف تطويق المدينة”.
ومنذبدء الغزو الخميس الماضي، نشرت مقاطع تظهر المقاومة الشديدة للأوكرانيين في وجه القوات الروسية، ويتسابق الأوكرانيون للانضمام إلى المقاومة الشعبية التي تُعرف باسم “قوات الدفاع عن أرض أوكرانيا”.
وقال مندوب أوكرانيا لدى الأمم المتحدة: “إن 4300 جندي روسي قتلوا، وأسر 200 آخرون خلال المعارك في أوكرانيا، فيما لقي 16 طفلا أوكرانيا حتفهم منذ بدأت روسيا عملياتها”.
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أمس الأحد، “أن روسيا لم تحقق ما كانت تريد تحقيقه مع حلول اليوم الرابع من الحرب على أوكرانيا”.
وقال مسؤول في الوزارة، اليوم الاثنين: “إن القوات الروسية تقدمت نحو خمسة كيلومترات نحو العاصمة الأوكرانية، كييف، في الساعات الـ 24 الأخيرة”.
وأشار إلى أن, “عدم تحقيق الروس هدفهم بالوصول للعاصمة بفعل المقاومة الأوكرانية قد يدفعهم لإعادة تقييم خططهم وربما تصبح هجماتهم أكثر عدوانية”.
ويقول تقرير إيكونوميست: “إن الحرب لاتزال في أسبوعها الأول، ويمكن للرئيس الروسي استدعاء احتياطيات عسكرية كبيرة لتطويق المدن الأوكرانية، بما في ذلك كييف، لكن بتكلفة باهظة للمدنيين والعسكريين من كلا الجانبين”.
وفي اللحظة التي سيضطر فيها لخوض حرب “استنزاف” مثل هذه، “سيكون قد خسر بالفعل”، فالروح الوطنية التي نشأت من استهدافه للمدن وسكانها قد ضمنت بالفعل أن أي حكومة تحكم باسمه ستُعتبر غير شرعية.
وفي كثير من أنحاء العالم، سيصبح بوتين منبوذا أكثر، وفي الداخل، سيكون رئيسا لمجتمع تخنقه العقوبات ويسحقه نظامه القمعي.
ويشير التقرير لثلاثة أخطاء ارتكبها بوتين في الحرب، أولها التقليل من شأن أوكرانيا كدولة.
والثاني سوء إدارة الحرب، فقد فشل حتى الآن في السيطرة الكاملة على الجو، ولم يقنع جنوده بالهدف من الحرب، “وإذا أمرهم بذبح أقاربهم الأوكرانيين بأعداد كبيرة، فقد لا يطيعون الأوامر. وإذا مات العديد من قواته في محاولة لسحق المدن الأوكرانية، كما هو مرجح، فلن يتمكن من التستر على ذلك في الداخل”.
أما الخطأ الثالث, فكان التقليل من شأن الغرب الذي اعتقد أنه, “في حالة تدهور ومنشغل بنفسه بحيث لا يمكنه حشد الرد على الحرب” كما أنه “لم يفهم إيمان الناس بالديمقراطية” وهو ما ترجم بزيادة الدعم الشعبي لأوكرانيا في المدن الأوروبية.
ويشير التقرير إلى, “إعلان بوتين وضع الأسلحة الاستراتيجية في “حالة تأهب” ردا على العقوبات الصارمة التي اتخذها الغرب ضده، فقد اعتبر أن هذه العقوبات مساوية للحرب النووية، وهذا التهديد ليس خطأ فحسب من الناحية الأخلاقية، بل إنه يثير أيضا احتمال حدوث تصعيد كارثي”.
وهذا لا يجعل القرار الغربي خاطئا، بل يشير إلى أن, “عدوانية بوتين دليل على مدى خطورته” وأن التراجع عن هذه الإجراءات سيسمح له بارتكاب فظائع.
ويدعو التقرير إلى, “ضرورة مواجهة التهديد الروسي من خلال الإعلان الواضح في مجلس الأمن ومن جانب جميع القوى النووية، بما في ذلك الصين والهند، بأن إصدار تهديدات نووية أمر غير مقبول”.
وفي الوقت ذاته، يجب على كبار الضباط الأميركيين التنبيه على نظرائهم الروس، وتحذيرهم من أنهم سيُحاسبون شخصيا على أفعالهم.
ويقول التقرير: “لا يستطيع العالم تحمل أن يخطئ بوتين في التقدير مرة أخرى