في مراحل طفولتنا المبكرة ، وعند نشوب خلاف بيننا أثناء اللعب ، كان يحدث نوعاً من الخصام بيننا نحن الصغار ، ثم ما نلبث أن نعود للمصالحة ، ونتعاهد على عدم حدوث أي خلاف جديدٍ في المستقبل لأي سبب كان ، هذا هو المعنى البسيط والبدائي الفطري للميثاق المرادف للعهد والقسم ، كعقد اتفاق على عدم نشوب أي خلاف بين الصغار الذين ذكرتهم آنفا لتستمر صداقتهم دوماً . هذا هو التعريف المبسّط للميثاق ، والذي جاء بالفطرة ، لنتعلم فيما بعد عقد اتفاقيات ومعاهدات ومواثيق على نطاق الدولة والعالم بأسره . والميثاق في اللسان العربي ، جاء من الفعل الثلاثي ( وثق ) ، ( الثقة ) ، والثقة هي التي تولد الإلتزام ، فتأتي قبل الدستور والقانون ، وبدونها يصبح أي دستور حبراً على ورق . على سبيل المثال : الميثاق الوطني يحدد شروط الإنتساب إلى مجتمع ، أو إلى العمل السياسي بغض النظر عن تباين الآراء ، وبدون وجود دستور يعطي شرعية أو ينزعها . أي إن بنود الميثاق ملزمة للرأي والرأي الآخر ، والإلتزام بها طوعياً وليس قسرياً بحكم دستور أو قانون ، وهو ركن أساسي من أركان البلاد ، حيث لا تقوم أي دولة بدونه ولا تزدهر . وميثاق الإسلام : هو القانون الأخلاقي والإنساني العام ، الذي يخضع له ويدخل فيه الرأي والرأي الآخر . والميثاق رباط طوعي يقوم على ثقة وقبول بين طرفين ، وهذا تعريف للمقدمة التي ذكرتها بشأن المعاهدة بين الصغار على عدم تجدد الخلافات بينهم . أما الميثاق على نطاق أكبر ، هو اصطلاح يطلق على الإتفاقات الدولية ، والتي يراد إضفاء الجلال على موضوعها ، وتكون منشأة لمنظمات دوليه أو إقليمبة ، على سبيل المثال (ميثاق الأمم المتحدة ) . أولا : الميثاق : إتفاقية ملزمة بين الدول ، مرادفة للإتفاقية والمعاهدة ، كالميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية ICCPR ، والميثاق الخاص بالحقوق الإجتماعية والحضارية ICESCR ، وأقر كلا الميثاقان عام 1966 م . ثانيا : الميثاق الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعيّة والثقافيّة : والذي أُقر في عام 1976 م ، وهو أحد أركان اللائحة الدولية لحقوق الإنسان ، والذي ينص على أن للناس كافةً مجموعة واسعة من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية . ثالثا : الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية : أُقر هذا القانون عام 1966 م ، وينص على أن لكافة الناس مجموعة واسعة من الحقوق المدنية والسياسية ، وقد دخل هذا القانون حيز التنفيذ في عام 1996 م . ميثاق الشرف : مجموعة من القوانين والمباديء ، والتي تحكم مجتمعاً معيناً ، بالإستناد إلى ما يميّز الخلق في المجتمع من قوانين وأفكار ، واستخدام هذا القانون يعتمد على الإعتقاد بالوثوق بالناس في مجتمع معين للتصرف بشرف ، ومن يتجاوز هذا العهد يتعرض إلى عقوبات متعددة . ميثاق الشرف الأكاديمي : أُسس أول نظام شرف يعتمد على مراقبة الطلاب لأنفسهم عام 1779 م ، في The College Of William & Mary ، في الولايات المتحدة ، بتوصية من محافظ ولاية فرجينيا في ذلك الوقت ” توماس جيفرسون ” ، والذي تخرج من الجامعة نفسها بتفوق ، حيث اقترح لاحقاً نظام شرف مماثل لجامعة فرجينيا . ويعتمد النظام على قوانين صارمة تحد من سلوك الطالب ، والذي أصبح لاحقاًً يعتمد على الرقابة الذاتية للطلاب ، لكن جيفرسون لم يعش ليرى النظام يعمل هناك . وأخيراً ، وبعد الإطلاع على ما تشهده البلدان بشكل عام ، والبلاد العربية بشكل خاص ، من إنعدام للسلام ، وانتشار للحروب والفتن فيها ، ودوماً الضحايا هم الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ ، يتشكل لدي يقيناً بأن أكثر المواثيق وخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان ما هي إلا مجرد حبر على ورق ، والأصدقاء الصغار قد كبروا ، ليدب النزاع بينهم ، متناسين العهد الطفولي ، ليكبروا وتكبر أطماعهم بأنانية متناسين حقوق الآخرين في الحياة على الأرض ، بسلام وأمان .
المصادر : 1. الموقع الرسمي للدكتور محمد شحرور . 2. معجم المعاني الجامع . 3. ويكيبيديا ، الموسوعة الحرّة .