الشيخ منوش أبو شبح
نحل جميع مشاكلكم و نمنحكم السعادة
كشف الطالع , الإخبار عن المستقبل , فك المربوط و المعقود و المسكون , معالجة العقم و العجز
في الداخل تخلص من سائر أشكال الإضاءة و إستعاض عنها بمصابيح خافتة لا تسمح بالكثير من الرؤية للزوار , و زين الجدران بصور و رموز و طلاسم عجيبة لا يفقه المرء منها شيئاً , فضلاً عن أن منوش نفسه لا يدري معناها .
أما مكتبه الخاص الذي سوف يستقبل فيه مرضاه كما كان يحب أن يسميهم فقد أبدع و أشنع في هيئته . فقد وضع في وسطه منقل ضخم لا يخلو أبداً من الجمر الملتهب و لكثرة ما كان يلقي فيه منوش من أبخرة و أعشاب و نفايات أخرى صار الدخان المتصاعد منه أشبه بداخون الذوق .
على الأرض إمتدت أنواع مختلفة من جلود الحيوانات الوديعة و المفترسة في آن معاً , بما يوحي بتآلف و تعايش لا نظير له و في ذلك إشارة إلى قدرة هذا الشيخ على فعل العجائب .
اما موضع جلوسه فكان عبارة عن مكتب أثري تزينه نقوش مختلفة , و خلفه على الحائط جدارية ضخمة للأبراج ضمن دائرة ذهبية .
و على كامل مساحة السقف إمتدت خريطة النظام الشمسي , و كان منوش يستعين بها للتفنيص حول حركة الكواكب و تأثيرها على حياة الفرد و دورها في الأحداث التي يعيشها .
و قرب زحل كان هناك فتحة صغيرة لا تتسع لمرور شخص أكبر قامة من دنكر إياه , و قد كانت مخفية و مموهة بشكل متقن بحيث لا يمكن لأحد رؤيتها .
هذه الفتحة نفسها سوف تمون سبباً للكثير من إنجازات منوش و إعجازاته , و سبب سقوطه المدوي و نهايته أيضاً .
نشر منوش إعلاناً يسوق فيه لنشاطه الإجتماعي الهام , و أنجز كل متطلبات العمل , و أتبع ذلك بخطوة تكتيكية غاية في المهارة و الدهاء , فقد أوعز إلى زملائه السابقين في مهنة التسول أن ينشروا على طرقات المنطقة و في شوارعها إشاعات قدراته و إنجازاته .
و شدد عليهم أن يكثروا من الحديث عن ذلك في مواقف السيارات , و على أبواب المحال , و بين النتسوقين و المارة , و خصوصاً أن تطرق مسامع نواطير المباني و نساء النواطير .
و بالفعل فقد إنتشرت الشائعة كالنار في الهشيم لكثرة ما يحب أهل البلاد الثرثة و اللتلتة و طق الحنك , و أسهم هذا التواطؤ في تحريك عجلة العمل في مكتب منوش و خطا الشيخ خطواته الأولى على طريق الكسب السريع .
دار الزمن بمنوش دورة كاملة , و رفعته يد القدر من أسفل السافلين إلى علية القوم , و صار إسمه يتردد على كل شفة و لسان , لا بل إن إسمه لم يعد يلفظ إلا مقترناً بلقب الشيخ الذي أضفى عليه هالة من الرفعة و العظمة و سمو المقام و المنزلة .
فتحت الدنيا يداها واسعتان , و تلقت منوش بترحاب مترف , فأغدقت عليه من مظاهر العز و الجاه الشيء الكثير , و شرعت له الأبواب حتى صار جليساً دائماً بين كبار الأغنياء و الفنانين و السياسيين و كل صاحب موقع أو سلطة أو نفوذ .
كيف لا و هو مقصد كل ذي حاجة منهم و موضع سؤالهم و شكواهم و معينهم عند الشدائد .
و لكم إستمتع بسماع أحاديث أهل هذه الطبقة , لقد تعرف إلى كل أساليب الحسد و النميمة و الزيف و النفاق و الغدر و الكذب و التكاذب و الخيانة و تنجير الخوازيق و سائر فضائل هذا المجتمع .
و الأحلى من هذا كله , أنه كان المستفيد الأوحد من كل هذه الصراعات , و كلما إستعرت الخلافات كلما كان مكسبه أكبر و أفضل .
فلكم قصدته فنانة ترغب بإزاحة منافسة لها من الساحة , أو تاجر يود إفشال صفقة لنظير له في التجارة , أو سياسي يمني النفس بأن يهزم منافسه من أجل منصب أو موقع .
و مع الأيام بات منوش يجيد اللعب على التناقضات و الإستفادة من خبايا الناس التي أنكشفت له بينة جلية . لم يعد ينقصه شيء من مباهج العيش و ملذاته و عوضته الأيام ما حرمته منه في غابر الزمن و قرت عينه بما بات يعيش من هناء و رخاء .
لم يعد ينغص عليه فقر أو عوز أو فاقة , و كاد يبيت هانئاً مطمئناً قرير العين , لولا شيء واحد فقط كان يؤرقه , إمرأة تدعى : أورجينا .
كانت أورجينا هي المرأة التي خلبت عقل منوش و سلبت لبابه منذ وطأ أرض الأحلام , و رغم كل ما أنجز و حقق بقي مشهدها بين يدي سواه يسبب له شعوراً بالأسى و الفشل .
كانت أورجينا بالأصل كما عرف عنها عارضة أزياء مغمورة , و بعد أن سنحت لها الفرصة تحولت بقدرة قادر إلى عالم الفن و الغناء , فذاع صيتها و إستقطبت الأنظار حتى ظفر بها رجل أعمال و سياسي كبير , فصارت زوجته الثانية أو الثالثة ربما .
هي بكل إختصار إمرأة شقت طريقها بقدميها , و عرق ………….. جسدها .
و تحت جناح زوجها المهجوس بحب التملك كانت تعيش في مراقبة دائمة , و لم تكن تملك الكثير من الحرية , و كانت هذه طريقة القدر كي يسترد فائض الحرية التي منحها إياها في مضى .
و في واقع الأمر فإن منوش كان معذوراً في هيامه بهذه السيدة , فهي آية من أجمل ما أبدعت يد جراح تجميل على الإطلاق .
و جنتان تكتنزان الشحم الذي نزح إليهما من موضع آخر من جسدها الغض
شفتان ملأهما البوتوكـس , تبرزان من وجهها المطلي بأحدث مساحيق التجميل كمعلم بارز
صدر سيليكوني عارم لا يطيق الخباء و لا يعرف الستر , شامخ دوماً متحرك أبداً بشكل يصيب الناظرين بهزات إرتدادية على وقع إهتزازه و ينتزع الحسرات من أفواه الطامعين و الطامحين .
جسد نحيل فائق الرشاقة بحكم المهنة السابقة و اللاحقة , يخضع لصيانة دورية فينحته الجراح و يزيل عنه ما أضافه الدهر و مخالفة النظام الغذائي المطلوب .
كان كل فرد من أفراد الطبقة المخملية قد قصد منوش يوماً و بات هو يمتلك سلطاناً عليهم واحداً واحداً , إلا أورجينا لم تعرف إلى مكتبه طريقاً .
و كان يدري أن زوجها يحظر عليها أن تقابل أشخاصاً محددين و هو من ضمنهم , لذلك قرر أن يكيد له و صار ينتظر زيارة الزوج المدعي للغيرة إلى مكتبه .
لم يطل إنتظاره طويلاً حتى جاءه الرجل بغاية يرجو المساعدة فيها , إذ كان المسؤول الكريم يسعى لإتمام عملية نصب و إحتيال من وحي الهدر و الفساد السائدين , و لكنه كان يجابه بالكثير من العراقيل التي يضعها المتربصين بهذه العملية بشكل يهدد نجاحها . لذلك كان يريد من منوش أن يعينه على الأعداء و يسهل له أمر هذه الصفقة .
ضحك منوش في سره و “فرك” يديه كمن ينتظر جائزة , و تبسم إبتسامة ماكرة بانت عن أنيابه التي سوف يغرسها في فريسته قريباً .
لقد بدأ الإطباق على أورجينا .
لقد كان يتحين هذه الفرصة , و هو قد أبرم مكيدة محكمة ليوم كهذا و لن يجد صعوبة في فعل ما يلزم للوصول إلى غايته التي تبرر أي وسيلة .
أخبر قاصده أن ما يصادفه من سوء طالع في هذه الفترة لا يتعلق به , بل بحرمه المصون , السيدة الفاضلة أورجينا , و شرح له كيف أن وجود برجها في منزلة النحس يؤثر عليه سلباً , ذلك أن هذه الفترة معطوفة على حركة الكواكب , مع الأخذ بالحسبان واقع الزوج الفلكي و كون الأرواح في حركة سلبية , كل هذا يفضي إلى نتيجة مفادها أن عدم التوفيق سوف يلازمه لوقت غير قليل و ليس باليد حيلة , إلا إذا ……………
” إلا إذا ماذ ؟ ” صرخ صاحبه المتحرق إلى إضافة رصيد آخر إلى ثروته الطائلة .
” إلا إذا أخضعنا الست أورجينا لعملية تطهير روحي نخلصها على إثرها من هذا النحس الملازم لها , و نعيد رفع برجها إلى مرتبة السعد , فتفرج الضائقة التي تشد بخناقها على معاليكم و تسلك الأمور مسلكها المرجو , و لكن لن أضغط على حضرتكم إن كنتم لا تحبذون حضور حرمكم المصون إلينا ”
خاطب منوش ضيفه بإحترام مبالغ فيه كي يمنحه شعوراً زائفاً بالراحة و الأمان , و من ثم “يفقعه” الضرب دون أن يشعر , تماماً كما يفعل الطبيب حينما يريد أن يعطي مريضاً حقنة ما .
و هو يعرف في قرارة نفسه أن طمع زائره و جشعه أمضى بكثير من خوفه على زوجته و حرصه عليها , و هذا تماماً ما كان يفكر فيه ذاك الأخير , فقد حدث نفسه بأنه لو تمكن من وضع يديه على المال فسوف يقتني زوجة/عشيقة أخرى , و لتذهب أورجينا إلى الجحيم أو إلى منوش لا فرق عنده .
” أبداً يا مولانا الشيخ أنا لا أمانع حضور أختكم أورجينا إليكم , لي تمام الثقة بكم , أنتم من أهل الدار و أعز ” هكذا كذب الطماع على منوش و على نفسه بغية الوصول إلى ما يريد , و كان أن تم الإتفاق على حضور السيدة موضع التجاذب إلى المكتب في اليوم التالي .
أبلغ الزوج تحفته الجميلة بما جرى , و طلب منها التعاون كي ينزاح النحس عنها و عنه , و وعدها بهدية كبيرة إن هي إمتثلت لطلبه .
لم تمانع أورجينا بالذهاب , فهي كانت ترغب أصلاً برؤية هذا العالم الغامض الذي كانت تسمع عنه من نظيراتها خلال السهرات و الجلسات و العشوات و الغدوات , و فكرت أنها سوف تكون تجربة مسلية .
كما أن الطمع حفزها أيضاً , سوف تلطش من زوجها هدية ثمينة نظير تعاونها .
في اليوم التالي أقلتها سيارة فارهة إلى وجهتها يرافقها جمع من الحراس الشخصيين المكلفين بحمايتها , و لكن لم يدخل معها أحد إلى المكتب بناء على توجيهات الشيخ منوش .
دخل الفأر إلى المصيدة .
دخلت أورجينا المكتب فتملكتها دهشة ممزوجة بالرهبة , و شعرت بأنها مقبلة على أمر جلل بالفعل .
سألت عن منوش فأشارت لها سهجنان بأن تتفضل , متمتة بضع كلمات ظنتها الضيفة عبارات ترحيب , علماً أن الله وحده يدري ما كانت تقوله سهجنان.
خطت إلى داخل غرفة منوش الخاصة ( غرفة المعاينة ) عبر ستارة سوداء , و فور رؤيتها المكان شهقت بعمق و مباشرة دخلت في نوبة من السعال الحاد .
فقد هالها المنظر , و حين شهقت لمرآه دخل في جوفها شي من دخان البخور الكثيف , فحصل ما حصل . بالنسبة لمنوش فرب ضارة نافعة , فسعالها المتواصل دفع ذاك الموضع المشهود من جسدها إلى التقافز بشكل جنوني , ما جعل لعابه يسيل و يزداد تصميماً على خطته الجهنمية .
بادر الشيخ إلى رشق ضيفته بعبارات التبجيل و الترحاب , و عبر لها عن بالغ سروره لتشريفها مكتبه النتواضع , و بعد تلك المقدمة من النفاق التي لا بد منها , طلب منها الإستعداد لجلسة العلاج الفلكي / الروحاني .
كان منوش قد رسم لنفسه خريطة الطريق التي سوف تلقي بأورجينا بين يديه في نهاية المطاف , مستوحياً مهارات أولاد الكار التي يسمع عنها , و سبق له أن رآها في الأفلام المصرية , معتمداً في ذلك على سطوته مقابل شعورها الواضح بالرهبة . كما كان قد أعد بعض المؤثرات الخاصة التي سيبهر بها فريسته , و ذلك بالتنسيق مع مساعده المخلص دنكر .
شرح لها الواقع المؤسف الذي يرخي بظلاله على عمل زوجها و يبعد عنه المكسب , و ألح عليها بالتعاون لما في ذلك من مصلحة جمة , إن لم يكن من مصلحة لزوجها , لها مصلحة بالتأكيد فيما ستناله من الصفقة المزمع عقدها .
طلب منها أن تأخذ نفساً , و تستعد للمباشرة بعملية التطهر الروحي .
فعلت أورجينا ذلك بحذر
إنخرط منوش في تلاوات غريبة , و أتبع ذلك بحركات جسدية شديدة العصبية , و هو ينفخ في الجمر المشتعل أمامه تارة , و يأخذ أنفاساً عميقة تارة أخرى .
ثم فجأة جمد منوش و رمقها بنظرت حادة , و دون سابق إنذار وجه لها امراً مباشراً بأن تخلع ملابسها
صعقت أورجينا لما سمعت , ليس أنها لم تسمع طلباً كهذا آلاف المرات من قبل , أو لأانها تأبى فعل ذلك و العياذ بالله
كلا , فهي إنسانة منفتحة إلى أقصى حد , و لكن كل الإستغراب مرده إلى أنها إعتادت عند سماعها كلاماً مماثلاُ أن يصاحبه كلام عن أرقام و مبالغ أو هدايا أو ما شاكل , هذه أول مرة يطلب منها أحد أن تخلع ملابسها دون مقابل .
تسمرت المخلوقة في مكانها لا تدري ما تصنع , فإذا بمنوش يكرر طلبه بلهجة أشد حزماً , لكنه هذه المرة أتبع طلبع بشرح مفصل عن ضرورة التخلص من جميع الحواجز المادية التي تفصل كيانها عن التفاعل مع الأرواح الهائمة في فضاء المكتب , و أن الملابس تعد أهم هذه الحواجز , ثم نسب الطلب إلى نفس تلك الأرواح , فما هو إلا ناقل , و ما على الرسول إلا البلاغ .
لم تجد المسكينة بداًً من تلبية طلبه , فقد تملكها الخوف من أن تصاب بضرر ما فيما لو عصت أوامر الأرواح العليا , و هي التي سمعت كيف عاقب الجن من سبقنها إلى العصيان بحرمانهن من الحقائب و المقتنيات الثمينة , أضف إلى ذلك الجائزة الموعودة فيما لو إجتازت هذه العملية بنجاح .
إمتثلت للأوامر و نزعت عنها الفستان المحتشم الذي لا تذكر أنها قد إرتدت شيئاً يشبهه إلى هذه الدرجة من ناحية الإحتشام منذ زمن طويل , ذلك أن ضرورات الزيارة إلى الشيخ قد فرضت عليها شيء من السلوك المحافظ .
قابل منوش تصرفها بإبتسامة رضا , و من ثم رفع عينيه إلى أعلى مخاطباً الأرواح مجدداً بوتيرة أشد من ذي قبل , و حركات أعنف , فقد بداأ الدم يغلي في عروقه , و أحس بقرب نوال مطلبه .
و من جديد هدأ فجأة , ليرمق فريسته هذه المرة بنظرات أكثر حدة و تمعناً , و طلب منها أن تتخلص مما تبقى من قليل يستر جسدها , و أنفاسه تتسارع , و في عينيه نظرة ترقب .
مجدداً ترددت آورجينا بالإنصياع لطلبه , و لم تبادر إلى فعل شيء بل ظلت تنظر إليه و كأنها لم تفهم ما يريد .
حقيقة الأمر أن غريزة المهنة المتجذرة في وعيها الباطني منعتها بشكل أوتوماتيكي من القيام بأي شيء , ففي العالم الذي تتحدر منه هناك قاعدة تقول : الدفع قبل الخلع .
إستشاط منوش غضباً لمظاهر العصيان هذه , و أخذ يتهدد و يتوعد بالعقاب , و انصرف عنها يطلب من الأرواح أن تبدي غضبها لما حدث , و لم يكد ينهي كلامه حتى سقطت من أعلى الغرفة جمرة ملتهبة من ناحية زحل , و حطت بين مثيلاتها بين منوش و أورجينا ,فأحدث إرتطامها شرر تطاير في أرجاء الغرفة المعتمة منيراً جوانبها , و ملقياً على أورجينا رعباً إرتعدت له فرائصها .
ظن منوش أن هذا يكفي لتليين موقفها , فعاد ليكرر مطلبه السابق , لكن هيهات فقد باتت أورجينا الآن محكومة بقاعدتها الذهبية السالفة الذكر , و أرواح الدنيا كلها لن تثنيها عن موقفها .
إحمر وجع منوش حنقاً و غضباً , و أخذ يلعنها و يحذرها مما سوف يحل بها , و صار يصرخ بصوت غاضب موجهاً حديثه إلى الأرواح , طالباً منها أن تنزل غضبها مضاعفاً و أشد وطأة .
أنهى مناجاته و تلاواته منتظراً أن يتكرر المشهد الأول بشكل أشد وقعاً , لكن شيئاً لم يحصل .
سادت ثوان مقلقة من الصمت و الهدوء , منوش يترقب سقوط شهب الغضب الملتهبة من أرواحه المحلقة , و أورجينا تنظر إليها و قد بدأت تخرج من رهبتها بعض الشيء .
إرتبك لبرهة , لكنه تمالك نفسه , و عاد ليتلو و يهمهم من جديد في نبرة تصاعدية , ختمها بتهديد مباشر للأرواح نفسها أنها إن لم تظهر لأورجينا عاقبة سوء فعلها , فسوف يسلط عليها ( أي الأرواح ) شياطين العالم السفلي كي تلتهمها .
مجدداً , صمت مريب , و ثوان حرجة لا يسمع فيها صوت , و منوش صار جلي القلق
كاد منوش أن يغرق في ذهوله لولا أن خرق جدار الصمت صوت من إحدى نواحي الغرفة , فقد أطل دنكر من الفتحة المجاورة لزحل , و نظر إلى معلمه سائلاً إياه ” إنطفوا الجمرات , شو بعمل ؟ ”
فتح منوش فمه واسعاً لهول الكارثة , و نظر إلى دنكر المتدلي من الفتحة يرمقه شزراً لا يدري ما يقول , و لم يصرف نظره عنه سوى صوت أورجينا تشتمه .
هي الأخرى كانت قد ذهلت لمنظر دنكر يتدلى من السقف , و لبثت هنيهة قبل أن تستفيق من الصدمة و تصرخ فزعاً , ثم إنهالت على منوش بالشتائم قبل أن تهرع خارجة من الغرفة .
حملت ثيابها بيد , و في يدها الأخرى هاتفها تبلغ زوجها عن كل ما حدث .
لم تكد تمضي ساعة حتى كان منوش يساق إلى مصيره المحتوم