منذ أكثر من ثلاثة عقود، تستمرّ مشكلة قطاع الكهرباء بالتفاقم بسبب الهدر، تداعي المعامل المنتجة، وغياب خطّة شاملة وحلول إصلاحية فعلية توفّر على اللبناني عناء الترنّح بين زيادة ساعات التقنين والبقاء تحت رحمة مافيات المولدات. في هذا الواقع المشرذم، فرض على المواطنين دفع فاتورتين بدل الواحدة للكهرباء التي يحصلون- في أحسن الحالات- على شيء بسيط منها، إلى أن جاء الحديث عن رفع الدعم عن الكهرباء
وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، أكّد أن رفع الدعم عن فاتورة الكهرباء يحتاج إلى إجماع سياسي، كي لا نقع لاحقاً في مشكلة زيادة الإهدار نتيجة عدم دفع الفواتير”، مؤكداً أن رفع تعرفة الكهرباء هو الحلّ المثالي لإنقاذ القطاع في ظلّ الإهدار الفني وغير الفني الذي لحظته الوزارة، والمتمثّل بـ40% ولا يجب أن يتجاوز هذا الحدّ، بحسب فياض، ما يطرح تساؤلات عدّة بشأن آلية الدعم السابقة.
وبحسب الخطة اللازمة لزيادة أسعار الكهرباء التي ستُحصّل من المشتركين وفق سعر الصرف في منصة “صيرفة”، ستصبح الأسعار على الشكل الآتي: 10 سنتات لأوّل 100 كيلووات، و27 سنتاً لكلّ كيلووات يزيد عن الـ100.
في هذا الإطار، تساءل المدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون عن “سبب عدم رفع التعرفة الكهربائية منذ سنوات خلت، وتحديداً منذ العام 2017، بينما يتمّ اللجوء إلى رفعها في أحلك الظروف التي يعيشها المواطن اليوم؟”.
طرح رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني حلاً متجدداً من خلال دعوته إلى اعتماد النهج الأوروبي عبر تفكيك احتكار كهرباء لبنان وإطلاق المبادرة الفردية والمنافسة، والسماح لمن يرغب بتوليد الطاقة وبيعها للشعب اللبناني، معتبراً أن مصالح خاصة في المؤسسة تحول دون ذلك لها علاقة بالصفقات العمومية التي تقوم بها، وطريقة شرائها الفيول، فضلاً عن التوظيف العشوائي الذي يعمّها
والأهم بالنسبة لمارديني كما قال في حديث لـ”لبنان24″، هو وجوب التركيز على التكنولوجيا وخاصة في مجال الطاقة المتجددة، وهنا تساءل عن “سبب منع القانون اللبناني مثلاً المواطن الذي يمتلك أرضاً كبيرة من تحويلها إلى مزرعة للطاقة الشمسية وبيعه الكهرباء بشكل متفرّد؟”، معتبراً أنه يجب إنتقال تراخيص الطاقة المتجددة من الحكومة المركزية إلى البلديات، وبالتالي تخفّ تكاليف تركيب طاقة شمسية على المواطن، والتي لا تقلّ كلفتها عن 5000$ .
وشدّد على أن كلفة الإنتاج ونقل الكهرباء وتخزينها بالإستناد إلى الطاقة الشمسية تخفض الكلفة إلى 6 سنت، بينما المولّد يبيع الكهرباء بـ50 سنتاً والأمر نفسه بالنسبة لمؤسسة كهرباء لبنان إذا أرادت لوصول للتوازن من خلال رفع الدعم.