“لا حلّ لقافلة التدهور الإقتصادي والمالي التي نسير بها سوى التوافق السياسي وتشكيل حكومة فعالة. وإلا فإن العام 2021 سيكون مفتوحاً على جميع الإحتمالات وسيصبح شبيهاً بفنزويلا وبالتالي “صوملة البلد”، وسنكون أمام انهيار شامل للدولة، وفي تلك الحالة سنشهد دماءً ومجاعة”. هكذا يرى نائب حاكم مصرف لبنان الأسبق محمد البعاصيري لـ “نداء الوطن”، الوضع الذي نحن مقبلون عليه إذا ما استمرّ تشنّج وعناد كل فريق سياسي.
أكثر من نسبة 70% من اللبنانيين باتوا فقراء، بسبب عدم توصّل الأفرقاء السياسيين الى التوافق على تشكيل حكومة إختصاصيين، فـ”الحلّ لدينا يبدأ بحكومة منتجة لديها مصداقية وقادرة على تنفيذ الإصلاحات واستعادة ثقة اللبنانيين بالدرجة الأولى والمجتمع العربي بالدرجة الثانية، ثم حيازة ثقة المجتمع الدولي”، يوضح البعاصيري رداً على الحلول الممكن طرحها لمرض أزمتنا المالية والإقتصادية العضال. ويضيف “وإلا سنشهد أياماً صعبة جداً على الصعد الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والأمنية”. معرباً عن خشيته من “الوصول الى سيناريو التفلّت الأمني وبعده الـTotal collapse أو الإنهيار الشامل والفوضى العارمة”.
وإذ يشدّد على ضرورة أن “يعود لبنان الى محيطه العربي ونقطة على السطر”، لفت الى “أهمية نزع رداء حالة النكران التي يعيشها الأفرقاء السياسيون وتجاهلهم لما يدور في محيطهم، فهم غير قادرين على تقدير مخاطر الأفعال التي يقومون بها، والله يساعد الشعب اللبناني وخصوصاً بعد انفجار 4 آب الذي أوصل البلد واللبنانيين الى حالة يأس للأسف”.
حلول رفع الدعم
وأمام الجدل الدائر حول إمكانية الإقدام على رفع الدعم وبدء العمل بالبطاقة التموينية أو التمويلية أو الدرع الإجتماعي…، أو خفض الإحتياطي الإلزامي، يعتبر البعاصيري أن “آلية الدعم التي طبّقت والتي شملت 300 سلعة كانت غير موفّقة، اذ لم يكن لديها أي جدوى إقتصادية، واستنزفت الإحتياطي النقدي الأجنبي لمصرف لبنان. فالدعم يجب أن يتوجّه الى الأشخاص المحتاجين الذين هم دون خط الفقر، وليس كما حصل حيث استفاد منه المتمكّن والثري والمهربون بالتوازي مع الفقير، وكما رأينا تمّ تهريب البضائع المدعومة ليس الى سوريا فحسب بل الى دول أخرى”.
قيمة الودائع الفعلية
وفي ظلّ الحديث عن المصارف هل ودائع الناس لا تزال موجودة نقداً؟
“طبعاً الودائع الفعلية المسجلة في المصارف لا يمكن أن تحوّل الى كاش” يوضح البعاصيري، لافتاً الى أنه “لذلك اصدر حاكم مصرف لبنان التعميم رقم 154 والذي أوجب على المصارف أن تضع نسبة 3% من ودائعها بالعملة الأجنبية لدى المصارف المراسلة في نهاية شباط”.
ويؤكّد أن “الودائع على الدفاتر موجودة ولكن ليست بقيمتها الحقيقية. فوديعة بقيمة 100 ألف دولار موجودة دفترياً، لكن عملياً على الأرض هي غير موجودة وتبلغ قيمتها اليوم بأحسن الأحوال نسبة 32% من اصل المبلغ المدوّن على الدفاتر”.
يبقى إحتياطي الذهب الذي لدى مصرف لبنان، محطّ تساؤل حول كيفية الإستفادة منه خصوصاً وأنه بدأت عملية تعداده. حول ذلك يعود البعاصيري الى أوائل التسعينات الى أيام الرئيس حسين الحسيني حيث منع حينها التصرّف بالذهب. مشدّداً على أن “الذهب في امان باعتبار أن الثلث خارج لبنان والثلثين في عهدة مصرف لبنان، ولا يوجد أدنى شكّ بذلك، من هنا في وضعنا الراهن لا يجوز المسّ به. ولكن في ما بعد وفي مرحلة لاحقة وعند بدء العمل ببرنامج كامل مع صندوق النقد الدولي والإستقرار السياسي ودخولنا في مرحلة الإعمار، يمكن أن يشكّل الذهب مصدراً مهمّاً للبنان يساعد في إعمار البلاد، واستخدامه عن طريق الإيجار leasing على سبيل المثال”.