غالباً ما يوصف الاقتصاد اللبناني بأنّه اقتصاد ريعي من دون أن تلاقي هذه الصفة من يلتقط معناها الحقيقي، ففي التعريف العام، الاقتصاد الريعي هو اعتماد الدولة على مصدر واحد للريع (الدخل)، وفي معظم الحالات يكون مصدراً طبيعياً ليس بحاجة إلى آليات إنتاج.
أما الاقتصاد الريعي المعاصر فيتخذ شكل اقتصاد الخدمات، سواء كانت مالية أو عقارية، أو ما بات يعرف بالاقتصاد الافتراضي. والأخير هو النقيض للاقتصاد الإنتاجي الذي يتشكّل من نمو قطاعات الزراعة والصناعة والاستثمارات على أنواعها، لذلك، فهو افتصاد محفوف بالمخاطر دائمًا، إضافة إلى عدم قدرته على تحقيق استدامة النمو بسبب اعتماده على الثروات الطبيعية التي قد تنضب في أي لحظة.
ولأن الاقتصاد الريعي يعاكس الاقتصاد الانتاجي، والذي يعتمد على ما ينتجه الانسان عن طريق مشروعات اقتصادية حقيقية، فالأول هو المسؤول الأول والأساسي عن البطالة وهجرة الشباب.
لذلك، لا بدّ من وضع نظام اقتصادي منتج في لبنان يساهم في تطوير البلد وتنميته وتحقيق العدالة الاجتماعية فيه، وذلك عبر:
- إجراء تغيير جذري في أسس الاقتصاد اللبناني وتحويله من اقتصاد ريعي يدمر البيئة وتستفيد منه القلة إلى اقتصاد إنتاجي متوازن ومستدام يستجيب لمصالح الأكثرية في كل مناطق لبنان، وهذا الأمر يتطلب إجراءات لتحويل الموارد من الريع والممارسات الاحتكارية الطابع الى الإنتاج التنافسي عبر نظام ضريبي حديث وعبر الاستثمار العام في البنى التحتية.
- إجراء إصلاح ضريبي جذري وعادل يؤمن موارد جديدة لبناء الدولة العصرية ويخفض العجز وتراكم الدين العام الذي تستفيد منه القلة التي تستثمر في أدوات الدين، وتقضي أسس هذا النظام الضريبي الجديد باعتماد التصاعدية ورفع الضرائب على شطور الأرباح والريوع والفوائد واستحداث ضريبة على الثروة وزيادة معدلات الضربية على توريث الثروات الكبرى.
- العمل على حل معضلة الدين العام وتراكمه وازالة شبحه عن الاقتصاد اللبناني وعن الأجيال المقبلة، وذلك عبر تحويل المصرف المركزي لسندات الخزينة اللبنانية التي يمتلكها إلى سندات بفائدة متدنية، وعبر التفاوض مع المصارف التجارية الحاملة لجزء كبير من الدين العام على خفض الفائدة على السندات التي تحملها، وعلى استرداد الأموال العامة التي حولت اليها من خلال الهندسات المالية المتعاقبة عبر اخضاعها لضريبة استثنائية.
- التمسك بتفكيك الكتل الاحتكارية المتحكمة باسواق الغذاء والمحروقات والدواء والاسمنت والطحين وغيرها، والتي تختبىء خلف ستار الوكالات الحصرية.
- التأسيس لسياسة صناعية جديدة ومتطورة من أجل دعم قيام الاقتصاد الإنتاجي ونقل التكنولوجيا ومماهاة الاقتصاد اللبناني مع التطور العلمي وارتفاع مستوى المهارات لدى الشباب اللبنانيين، بما يحفز زيادة الإنتاجية والأجور ومعدلات النمو.
- بناء دولة الرعاية الاجتماعية التي تجسد حق اللبنانيين في العلم والطبابة والاستشفاء والسكن والتقاعد والحفاظ على البيئة، الى جانب تطوير برامج للقضاء على الفقر والتهميش.