منوش الاصل الجزء 7

نصل إلى منوش الأصل و الأساس , الذي منه تفرعت الشخصية المنوشية و إنتشرت بين العديد من الأفراد
لا بد من التأكيد أولاً على فرادة منوش الأصلي و تميزه بصفات و خصال لا تجتمع إلا فيه , و هو لا يشبه أحداً كشخص بذاته , و يغرد خارج السرب عن باقي البشر و الناس . بإختصار هو وحيد عصره و لم تنجب له الدنيا نداً .
على المستوى الجسماني يعد آية لا تضاهى في قدرته على لفت الأنظار و إستقطاب التركيز . فهو يمتلك قدمين ضخمتين لا يقل قياس الواحدة منهما عن 67 على مقياس الأحذية , و قد شاهد أهل بلاد العم سام آثار قدميه حين حل في ديارهم مرة , و ظنوا أنها تعود إلى مخلوق عجائبي ضخم , و قد أطلقوا عليه إسم “BIG FOOT أو القدم الضخمة
و لقدميه أهمية و رمزية بالغتين كون اليمنى منهما تحمل ختم الجودة و العلامة المسجلة , ألا و هي تلك المادة السوداء التي تعلو ظفر الاصبع الأكبر نتيجة لضيق المكان داخل الحذاء , و باطن القدمين يتموضع تعب الأيام و شقاء السنين , دهاليز و أخاديد تملؤها ترسبات لا شك أنها بعد عمر طويل سوف تستحيل نفطاً يعوض الرجل كده و جده
و تمتد هاتين القدمين الضخمتين صعوداًَ فيما يشبه عامودين ملتويين شيدا من الدهون و الشحم المسلح , و يزداد عرضهما و إتساعهما بفضل عادات منوش الغذائية المتطرفة
و على قمة هذين العامودين يتربع كرشه ملكاً متوجاً , رمز الوجاهة و الأبهة الذي كد منوش في توسيع حدوده منحه نفوذاً يتخطى سائر أبعاد جسده , و يطغى على الأهم منها . و لا زال هذا الكرش حتى يومنا هذا يستفيد من نزعته التوسعية ليمتد إلى ما شاء الله
ثم يعود جسد منوش كي يضيق مجدداً , و من ثم ينبسط عند الكتفين , ما حدا بأحد جهابذة الوصف بنعته بعبارة فائقة البلاغة و التعبير , إذ قال فيه أنه عريض المنكعين , شلولخ 
و في القمة يستريح رأس منوش الذي هو موضع تميزه و سر تفرده
أول ما يلفت النظر في هذا الرأس هي تلك الشفتان المنتفختان إلى حد التخمة بفعل طبيعي دون الحاجة إلى السليكون أو البوتوكس , و قد تدلت السفلى منهما و إمتطت في وضع يشي بالبلاهة و العبط 
أما أسنانه فقد جار الزمان عليها فشتت جمعها و فرق شملها و أردى بعضها , لذا تجد منها من هو متشح بالسواد على حزناً على فراق الأحبة , و أخرين قد علتهم صفرة لشدة ما يسكنهم من شوق لأترابهم
أما أنفه فيكاد يكون عبارة عن فوهتين عظيمتين , و لا عجب في ذلك فكونه فريد بين سائر خلق الله لا بد له من قدرة على إشتمام الأحداث قبل وقوعها , حتى يبني على الشيء مقتضاه و يحدد خطواته القصير حتماً . و منعاً لتسلل العوامل الدخيلة زرع جانبي هاتين الفوهتين بشعيرات مدببة يقع في شراكها كل دخيل أو مندس
و تزين رأس منوش عينان أطاح بإستقامتهما الحول , و تآمر عليهما فجعل كل واحدة تذهب في إتجاه لا تحيد عنه مهما كانت الظروف
و تكلل هذا الرأس العجيب فسحة من صلع توحي بإنطباع خاطئ عن تفكير معمق لا بد أن يتبدى يوماً حكمة متعالية تجري على لسان الرجل , رغم أن في دماغه غباء مقيم منذ سنين طويلة بموجب سند إيجار قديم , و ما زال ينتظر قانون الإيجارات الجديد حتى يخلي المكان
و قد وصف المهندسون و الرياضيون جسد منوش يأنه عبارة عن مثلثين نتقابلين تخترقهما دائرة في الوسط , فيما ذهل أهل الطيور إلى إعتباره بيضة تعاني من شذوذ بنيوي 
أما المشايخ و العرافون فجزموا أن هذا الرجل مسخ حلت عليه لعنة الله و ملائكته , و استغفروا له و طلبوا له الشفاء و رفع الغضب عنه , علماً أن منوش نفسه لم يشتك يوماً من مظهره , و لكن ما يدريه هو إن نطق المشايخ و العرافون بالحق
أما يديه فقصيرتين كدليل على أمانة الرجل , سيما أن اليد الطويلة مذمومة , و في كفيه خشونة و صعوبة في آن . خشونة الملمس و صعوبة تحديد اللون ذلك أن منوش لا يعترف بالصابون أو أي من مستحضرات غسل اليدين , فهو إبن الطبيعة و يكره العادات المتكلفة لأهل الحضر
منوش الأصلي هذا هو سائق شاحنة يعمل على خط الترانزيت بين بيروت و الشام و هنا مربط الفرس.